مــرحــباً بــكُــم ^_^

عش اللحظة كأنها آخر لحظة في حياتك،
عش بالايمان، باليقين، بالحب والصدق،
ولنقدر قيمة الــحـــــيـــــاة...

الخميس، 21 أبريل 2011

ورقة من الأرشيف




عملية إنقاد....

 
ليلة من ليالي الصيف، والهدوء يسود البيت، أختي الصغرى  تحبو جيئة وذهابا وأمي منهمكة في المراحل الأولى لإعداد العشاء بينما عيناي ومعها عقلي يمران على صفحات كتاب لإبن القيم...

صوت أمي يختلط بصوت آذان المغرب " انهظ يا بني لتصلي في المسجد"، نهظت... صليت .... 
كنت على وشك أن أستمع لدرس ديني بعد المغرب تطبيقا لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم  ( ... هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ) فقلت في نفسي ربما تحتاجني أمي لحاجة فعدت أدراجي إلى المنزل.

أدرت مفتاح الباب... أمي تقف خلفه... مصفرة الوجه... تولول... وتمسك بيدها أختي شبه جثة هامدة
كادت تصيح بالنجدة على طريقة المغاربة لكنني أسكتها بصرخة ما السبب...
" كنت أعطيها دواء للكحة فاختار مجرى الهواء عوض مجرى الطعام"
أدركت أنني أمام موقف يحتم علي التصرف في أقل من دقيقتين....

 أخدتها من بين يديها بصعوبة كان جسمها الصغير رخوا كقطعة الإسفنج المبللة وسواد عينيها بالكاد يبدو،  شعرت حينها أنني أحمل بين يدي جثمان أختي لا جسدها وروحا بريئة لا حيلة لها ولا قوة وثقل المسؤولية يزيد من قوة الموقف، لا أعلم من أين حضرني الثبات والهدوء والثقة بالنفس... 
 
 قلبت أختي رأسا على عقب في محاولة لإخراج من أخطأ المسار ضربة ضربتين على القفى ... دون  جدوى
بسرعة طرحتها على الأرض تجربة لدخ أكسجين في جعبة الهواء كما هو معروف وكنت قد رأيت الطريقة معلقة على باب محول كهربائي عند مدخل حينا.
جربت للمرة الأولى .... لا استجابة ، تحسست دقات القلب الحمد لله لا زالت حية ولا تنفس
المرة الثانية أيضا بائت بالفشل... وأمي لا زالت تولول مرة وتنادي الله مرة أخرى
 " ياربي بنتي بنتي يا ربي الحبيب..."
في المرة الثالثة وبقدرة قادر نجح الأمر وكحت كحة خفيفة طارحة بعض الشراب ذكرتني فيما بعد ببياض الثلج تطرح قطعة التفاح المسمومة من فمها...

أدرتها جانبا لتخرج من جعبتها الباقي، فيما أمي في وضعية السجود تنظر إلى فلدة كبدها وتقلب عينيها
" الحمد لله كتنفس يا ربي الحبيب بنتي كانت مشات"

حملتها من على الأرض إلى السرير واضعا بين أنفيها بعض العطر القوي الرائحة لإنعاش الجهاز العصبي فبدأت الحالة تستقر شيء فشيء ...

أحسست وكأني قمت بإنجاز الأبطال... أو بطبيب في غرفة المستعجلات، ما أجمل أن تنقد روح شخص حبيب، احساس يزيد الأمل في الحياة والحب في القلب وأيضا ازددت بهذا الإنجاز رتبة في نظرة أمي ومند ذلك الوقت وهي تسمي أختي " معيتيقة " وتقول لها مازحة أنت تحملين نفس أخيك لا نفسك.

أمر من أمام  بباب المحول الكهربائي أركز بصري عليه بنظرة احترام... شكرا لك على المعلومة القيمة.... شكرا لك يا واضعها.... شكرا لك يا مكتشفها.... شكرا لك يا ربي أولا على انقاد أختي " معيتيقة"....


دمتم سالمين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق